عذراء الخدم
كان "اسطفانوس" يستمع بشغف شديد لشرح المرشدة السياحية في النمسا، التي ما أن وجدت فوج مصري حتى تفجر فيها كل الشوق إلى مصر وأخذت تشرح بحرارة عجيبة كل صغيرة وكبيرة في كنيسة " سان استيفانو" بفيينا فهذا تمثال كبير نحته أحد   الفنانين العظماء من صخرة واحدة .... وكل جزء صغير فيه يعبرعن معنى معين ....وقد أراد الفنان أن يوقع اسمه على التمثال فنحت صورته وهو يطل من نافذة صغيرة ليرى منها المعجبين بفنه على مدى العصور ....فهذه هي طريقة توقيعه...

ولكن لفت نظر " اسطفانوس" تمثال غريب للسيدة العذراء يختلف عن كل ما في الكاتدرائية العظيمة .... فالسيدة العذراء لا تقف منتصبة كأنها تمثال بل تنحني قليلا و تنظر لابنها الحبيب بابتسامة عذبة و كأنها شخص حي .... فسأل المرشدة عن سر اختلاف هذا التمثال....

فقالت له : "هذا صحيح، فهو يختلف تماما عن باقي التماثيل ... كله من النحاس الخالص ... وقد وضع في الكنيسة في زمن مختلف ... وله قصة خاصة ....."

فقد كان هذا التمثال الجميل في حديقة قصر إحدى الأميرات بالنمسا وكانت لهذه الأميرة خدم كثير ولكن كانت هناك وصيفة واحدة لخدمتها الخاصة منذ عدة  سنوات .
وفي أحد الأيام ، لم تجد خاتمها الماسي الثمين ... فنادت على وصيفتها " فيولا" في لهجة غاضبة ... وقالت لها : "أين خاتمي الثمين الذي أهداه لي الإمبراطور شخصيا ؟؟؟؟ يجب أن يظهر هذا الخاتم حالا ....."
لم تتعود " فيولا" أن تسمع هذه النغمة من الأميرة الصغيرة ...فهي تعتبرها ابنتها ... فهل وصل الأمر أن تشك فيها.

لم تجب " فيولا" بل أسرعت نحو الحديقة حيث تمثال السيدة العذراء وقالت لها انجديني يا أمي الملكة ....
فما كان من الأميرة إلا أن قالت لها عندما رأتها أمام التمثال " أن العذراء ليست للخدامين..... "
شعرت " فيولا" وكأن خنجر يخترق قلبها... وعبثا حاولت أن يغمض لها جفن تلك الليلة ... فدموعها تنساب بغزارة .... هل حقا أيتها السيدة العذراء أنت لست للخدم ؟؟ ألا يحق لي أن أدعوك أمي ؟؟؟ هل حتى عند الله يوجد سادة وخدام ؟؟؟

وأرادت الأميرة أن تحضر إحدى الحفلات ... فأخرجت ( الجوانتي) الدانتيل لتلبسه حتى تستكمل أناقتها .... وإذ بالخاتم داخل إصبع الجوانتي حيث اشتبك الدانتيل بأحد الفصوص....
خجلت الأميرة جدا من نفسها ....وذهبت إلى وصيفتها مسرعة تعتذر لها لأول مرة في حياتها ...

و حتى تعبر عن أسفها الشديد وندمها .... قررت أن تهدي هذا التمثال للكنيسة ويسمى تمثال عذراء الخدم حتى يعرف كل البشر أن العذراء هي أم لكل إنسان ..... وفعلا تمّ  نقل التمثال للكاتدرائية واشتهر بهذا الاسم في كل الدولة فالعذراء مستعدة أن تكون أما لك إن دعوتها .... فهي قريبة جدا من أولادها ... وابنها الحبيب لا يرفض لها طلب ... إذ ليس لنا دالة ولاحجة ولا معذرة من أجل كثرة خطايانا فنحن بك نتوسل إلي الذي ولد منك يا والدة الإله العذراء لأن كثيرة هي شفاعتك ومقبولة عند مخلصنا أيتها الأم الطاهرة ، لا ترفضي الخطاة من شفاعتك عند الذي ولد منك....

رصد قنشرين

عودة