الجسر المتحرك
كان هناك نهراً كبيراً يخترق بلدة ما، وفوق النهر جسر متحرك يظل مفتوحا معظم الوقت، ليمكّن السفن من العبور، ولكنه يغلق في أوقات أخرى، لتمر   عليه القطارات في مواعيدها المحددة ، وكان العامل المسؤول عن مواعيد فتح وإغلاق هذا الجسر معتاداً أن يصحب ابنه الوحيد في بعض الأحيان ليلعب وسط الطبيعة، بينما يجلس هو في كشك مرتفع ، ليغلق الجسر في المواعيد المحددة لتتمكن القطارات من العبور .

وذات يوم، وهو جالس جاءته الإشارة باقتراب القطار، فقام بالضغط علي المفتاح الذي يحرك الرافعة التي تعمل بالكهرباء، ولكن الصدمة كادت أن تصيبه بالشلل عندما اكتشف أنه معطل، فلم يكن أمامه حل آخر سوى أن ينزل بسرعة ويحرك الرافعة بكل قوته، ليتمكن القطار من العبور بسلام.
كانت سلامة الركاب بين يديه، وتعتمد علي قوته في إبقاء الذراع منخفضاً طوال وقت عبور القطار.
 رأى القطار قادما نحوه مسرعاً، ولكنه سمع في تلك اللحظة نداء جمّد الدماء في عروقه، إذ رأى ابنه ذو الأربعة أعوام قادماً نحوه فوق قضبان القطار يصيح: "أبي.... أبي.. أين أنت؟ "

كان أمام الرجل احدى الخيارين .. إما أن يضحي بالقطار كله وينتشل ابنه من على سكة القطار أو يضحي بابنه... فاختار الحل الثاني ... ومرّ القطار بسلام، دون أن يشعر أحد أن هناك جسد ممزق لطفل على سكة القطار، ولم يدري أحد بالأب الذي كاد أن يصاب بصدمة وهو يبكي ابنه بأسى، وقلبه يكاد ينفجر من المرارة وهو مازال ممسكا بالرافعة.

ـ هل شعرتم بالأسى تجاه هذا الرجل المسكين؟ هل تقدرون مشاعره ؟؟
ـ هل حاولتم التفكير في مشاعر الله الآب وهو يبذل ابنه الوحيد  فديه عن العالم ليصلحنا معه ؟؟
ـ هل فهمتم لماذا أظلمت الشمس وتشققت الصخور وقت صلب السيد المسيح ؟؟

ـ هل أنتم مثل من كان في القطار الذين لا يعرفون ثمن فدائهم؟


"هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يو 3 : 16)

رصد قنشرين

عودة