بيضة عيد القيامة الفارغة
ولد جيمي بجسد معوق وعقل لا ينمو بلغ الثانية عشر من عمره وهو ما زال فى السنة الثانية من المرحلة الابتدائية ، وجوده تسبب فى ضيق المدرسين والمدرسة المسئولة عن فصل جيمي والذي بلغ عدد التلاميذ فيه عشرون تلميذاً فهو مخبول دائم   الحركة ودائم الشغب وتصدر عنه من اغرب الاصوات إلا أن ذلك لم يمنعه أن يتكلم بوضوح وبتركيز.
فى بعض الاحيان وكأن شعاعاً من نور قد اخترق ظلمة افكاره ،ولكنها كانت فترات قصيرة فى حياة كاملة اتسمت بالفوضى وعدم الادراك.

ومن هنا قررت المدرسة استدعاء والدي جيمي للتشاور معهما وقالت لهما : ان ابنكما يحتاج الى مدرسة خاصة فمكانه ليس هنا فالفرق بينه وبين زملائه شاسع، انسابت الدموع الغزيرة من عيني الام بينما قال الاب فى الحقيقة اني لم اجد له مدرسة خاصة بالقرب من هنا ثم ان نقله من هذه المدرسة سيكون صدمة عظيمة له فهو حقا يحب هذه المدرسة ويحب زملاؤه فى الفصل ،إذاً فهو باق معها .

سرت فى جسم المدرّسة وروحها برودة شديدة لا تقارن ببرودة الجو بالخارج والمطر المنهمر الذى يقرع بشدة على نوافذ الفصل فعلى الرغم من محاولتها لتفهم موقف الوالدين ألا أنها فشلت في التكيف مع تصرفات ابنهما المعاق بل ولم تعد تحتمل وجوده معها في الفصل.

وفيما كانت تستعرض هذا الموقف الكئيب شعرت بتأنيب ضميرها فأن كان معاقاً فلا ذنب له إنه طفل مسكين حرمته الحياة من صحتة الجسدية والعقليه هنا صرخت المدرّسة يا رب ساعدني لأتحمل تصرفاته.
ومن تلك اللحظة بذلت المدرّسة كل جهدها لتتجاهل جيمي وتصرفاته المستفزة غير ان محاولاتها باءت بالفشل عندما فوجئت به ذات يوم يقترب من مكتبها وهو يجر خلفه رجله اليسرى ويقول لها بأعلى صوته ( أني أحبك) . ذُهل التلاميذ بينما كست الحمرة الشديدة وجه المدرّسة وتلعثمت الكلمات في فمها وهي تقول له أشكرك على محبتك يا جيمي والأن أرجع الى مكانك.

ومع حلول الربيع اقترب عيد القيامة الذي تصدرت أخباره احاديث التلاميذ ، فقد شرحت لهم المدرّسة قصة هذا العيد وأعطت لكل منهم بيضة من البلاستيك وهي تقول فليأخذ كل منكم هذه البيضة الى منزله ويضع شيئا فى داخلها يمثل الحياة الجديدة ثم يأتي بها في الغد..... هل فهمتم ؟ .... اجاب التلاميذ فى فرح بالطبع قد فهمنا.

وبنظرة خاطفة نحو جيمي المعاق رأته المدرّسة ينظر اليها بتركيز شديد دون ان يتحرك وتساءلت فى نفسها ( ترى هل فهم قصتي؟) هل فهم القصة عن موت المسيح وقيامته؟....هل ادرك معناها؟ .....
وفى اليوم التالي جاء التلاميذ ... وفى فرح وضع كل منهم بيضته فى الصندوق الموضوع على مكتب المدرّسة وبدأت المدرسة تفتح كل بيضة وترى ما بداخلها .... فوجدت فى الاولى زهرة اشارة للحياة التي خرجت من البذرة المدفونة ...

وفي الثانية وجدت فراشة فخروج الفراشة من الشرنقة تمثل الحياة الجديدة ..
وفي بيضة اخرى وجدت قطعة من الصخر وقد نبت فيها بعض الاعشاب الخضراء كناية ايضاً عن الحياة ....
فتحت المدرّسة البيضة التالية ،.وعقدت الدهشة فمها..... لقد كانت البيضة فارغة .......لا بد انها له ، فهو كالعادة لم يفهم .وحتى لا تتسبب فى إحراجه وضعت البيضة جانباً ومضت تبحث عن اخرى لتفتحها ، وهنا نادها الصبي : " لماذا لم تشرحي المعنى الذي تتضمنه بيضتي ؟...
أجابت المدرسة : ولكنها فارغة يا جيمي ...."
فثبت نظره إليها وهو يقول : أنها تمثل قبر المسيح الفارغ ......
انعقد لسان المدرّسة ...ولما استطاعت الكلام سألته : وهل تعرف لماذا كان القبر فارغاً ؟
اجابها فى ثقة : لان يسوع قد قتل ودفن ولكنه قام .........
وضرب جرس الفسحة ....وبينما تسابق التلاميذ الى الحوش ليلعبوا
تساقطت دموع المدرسة بغزارة بعد ان أذاب ايمان هذا التلميذ المعاق كتل الجليد التى حالت دون انفتاح قلبها لمحبته .........وبعد ثلاث شهور مات التلميذ ...

والذين ذهبوا لزيارة قبره فوجئوا برؤية 19 بيضة وقد رصت بعناية فائقة فوق قبره وكلها فارغة فى اشارة واضحه تقول : " لا بد انه قائم الان مع يسوع الذى قام وترك لنا قبره فارغاً ......."


رصد قنشرين

عودة