المرّ الذي اخترته لي
عاد قاطع حجاره الى بيته ، وبعد العشاء رفع عيني قلبه نحو الله وهو يقول : " لماذا أتيت بي يا الهي في أسرة فقيرة لم تدفعني الى دراسة ، ولا قدمت لي اموالاً تسندني في عمل مشروع مربح؟! كثيرون لا يبذلون الجهد الذي اقوم به وهم   أكثر مني غنى ! ألا تستطيع ان تغنيني ، فاستريح وافرح واشعر حقا بالسعادة".

في الليل رأى قاطع الحجارة حلما انه وهو يضرب في المحجر وجد كنزاً مخفيا ففرح جداً . خبأه وترك المحجر ليبدأ حياة جديدة , وقال في نفسه : " لقد كانت ساعة مقبولة ، فيها سمع الله لطلبتي وجعلني غنياً ....ليتني طلبت أكثر! " عاش الرجل بين الاغنياء والعظماء ، وإذ دعي الى حفل ملوكي رأى ما ناله الملك من كرامة وعظمة ، فاشتهى أن يكون ملكاً . طلب من الله ذلك لكي يكون فرحاً وسعيداً . سمع الله لطلبته وصار الرجل ملكاً ، وكان الكل يكرمونه ويبجلونه...... واذ سار فى موكب ملوكي والجماهير من كل جانب تحييه شعر بحرارة الشمس الشديدة ، أدرك أنه ضعيف أمامها .

فاشتهى أن يكون شمساً تبسط أشعتها على كل الأرض ، بل وعلى الكواكب الأخرى . بسطت الشمس أشعتها ، ولكن سحابة كثيفة حجبت الاشعة عن بقعة فى الارض ، فشعرت الشمس بضعفها أمام السحابة ، وأشتهت أن تكون سحابة كثيفة ليس ما يعوق تحركها .

صارت الشمس سحابة كثيفة للغاية ، وتحولت الى أمطار سقطت على الارض .....كان يخشاها الانسان كما حاولت الحيوانات الهروب منها ، وتركت الطيور الاشجار لتجد لنفسها ملجأ ، لكن بقيت صخرة قوية لم تهتز امام الامطار .

 استصغرت السحابة نفسها أمام الصخرة فأشتهت أن تصير صخرة لا يمكن للسحاب ولا الأمطار أن تهزها . صارت السحابه صخرة عظيمة..... وفجأة جاء قاطع حجارة يضرب بفأسه ليقطع منها الحجارة، فشعرت الصخرة بضعفها أمام قاطع الحجارة.... وطلبت من الله أن تصير قاطع حجارة ، وبالفعل صارت الصخرة قاطع حجارة. هكذا رجع قاطع الحجارة إلى ما كان عليه . قام الرجل من نومه وهو يشكر الله الذى أعطاه فرصة أن يكون قاطع حجارة وليس صخرة أو سحابة أو شمساً أو حتى ملكاً أو واحداً من الاغنياء أو العظماء .

تحولت حياته الى حياة شكر وتسبيح لله ، لكن فى غير تراخ او احباط ، يبذل كل جهده فى عمله ويسند أولاده ويشجعهم على الدراسه بقلب متهلل ! الرضا والسلام الداخلي للانسان هو الذي يجعل الانسان سعيداً . السلام الذى يملك على قلب المؤمن نتيجة مصالحته مع الله لايلتفت الى وظيفة أو دخل مادي بل ينظر من بعيد الى مدى عمق الله فى داخله (رو  5 :1 ، أف 2 :14).

رصد قنشرين

عودة