ربطة الخبز النازلة من السماء
يشتكي الجميع اليوم من الضيق الاقتصادي وأنا منهم .وأنا في وسط الهموم ‘ ذكرني الله بحادثة أزالت عنَي الغمَ والهمَ وفتحت عيني َ لأرى النور في الأفق المظلم. كنت ‘ في أيام الحرب . أسكن في منطقة بعيدة عن المدينة . كانت الطرقات مقفلة في معظم الأحيان ‘ لايستطيع الإنسان التنقل بسهولة . جاء وقت لم يستطع زوجي فيه الدخول إلي المدينة ليأخذ راتبه الشهري فوقعنا في ضيقة مادية. كنت آنذاك حاملا في الشهر التاسع . حاولنا أن نقتصد في مصروفنا ولكنه جاء اليوم الذي لم نجد فيه النقود الكافي لشراء ربطة خبز.فأخذنا أنا وزوجي نفتش في البيت بأمل أن نجد بعض المال المنسي في محفظة قديمة أو جيوب الثياب أو خبايا الخزانة.. من دون جدوى. 

كانت تنقصنا بضعة ليرات لشراء ربطة خبز فلن نجدها ‘ شعرت في ذلك الصباح بجوع رهيب وبدا لي أن الطفل في أحشائي يصرَخ يريد أن يأكل. فلم أجد في المطبخ شيئاً يسكت جوعه وجوعي. سالت زوجي \" هل سيمسح لنا الله بان نموت من الجوع؟\" فأجاب: بالطبع لا ....ألم تقرئي في الكتاب المقدس كيف انه أشبع الناس في البرَية بالمنَ والسلوى؟ أو لم تقرئي كيف أن المسيح أشبع خمسة آلاف شخص ومعه خمس أرغفة وسمكتين ؟\" قلت : اعرف القصص ولكنَه كيف سيعطينا الخبز؟ هل سيرمي الربطة من السماء ؟\" قال زوجي بكل هدوء : لما لا ؟ كل شي مستطاع لدى الله . لنركع ونصلي \" ركعت مع زوجي وصليت ‘ ولم اطلب غير ربطة خبز . ثم صعدت إلى السرير محاولة أن أنام وأنسى جوعي وأسكت صراخ أحشائي. أما زوجي فنزل إلى الحديقة ليبحث عن شي يؤكل . لم تمض لحظات حتى سمعت صوت سيارة تتوقف أمام الحديقة وإذا بشاب غريب ينزل من السيارة ويقول لزوجي : أهذا أنت ؟ لم أراك منذ عشر سنوات \" فتعانقا فهمت من حديثهما أنهما صديقا طفولة . دعاه زوجي للدخول لكنه أجاب : أنا على عجلة من أمري .. قد أعود في وقت لاحق \" وفيما هو يفتح باب السيارة ليغادرنا ‘ سأله زوجي: ماذا تعمل في هذه الأيام الصعبة ؟\" أجاب : أبيع الخبز ثم اخذ من صندوق السيارة ربطة من الخبز ورمى بها لزوجي ‘ وفي لمح البصر غابت سيارته عن العيون . وقف زوجي مشدوهاً وهو ينظر إلى ربطة الخبز التي في يديه .. وكأنها نزلت من السماء .

شكرتُ الله والدموع تنهمر من عيني َ. فغمرني زوجي بذراعيه وقال وهو يكرر كلام مقتبس من المزمور 10:34(الأشبال احتاجت وجاعت ‘ وأما طالبوا الربَ فلا يعوزهم شي من الخير )

لابد من مساء البكاء والآلام والتجارب في حياتنا . ولكن لابد َ من صباح النور والترنَم والانتصار والسلام في قلب من يؤمن وينتظر كوكب الصبح المنير هذا مانحن بحاجته اليوم لنركع ونصلي ولتعلو صلواتنا فرب السماء كله أذان صاغية فهو من قال اطلبوا تجدوا أقرعوا يفتح لكم ..

رصد قنشرين

عودة